المستشار ياسر مراون
تؤكد الدولة المصرية من جديد على التزامها الصارم بحقوق الإنسان في أبسط صورها وأكثرها إنسانية ، حيث ألزمت جميع المستشفيات سواء الحكومية أو الخاصة بتقديم الرعاية الطبية العاجلة لأي مواطن يتعرض لحالة طارئة ، وذلك دون فرض أي أعباء مالية على المريض أو أسرته خلال أول ثمانٍ وأربعين ساعة من دخوله المستشفى .
هذا القرار لا يمثل مجرد إجراء تنظيمي أو قانوني ، بل يعكس رؤية استراتيجية تهدف إلى حماية حياة المواطنين ، وتجنيبهم المعاناة المزدوجة بين آلام المرض وأعباء التكلفة المادية في الساعات الحرجة التي تحدد مصير الإنسان بين الحياة والموت .
من الناحية الاجتماعية ، فإن توفير العلاج الطارئ مجاناً يعزز من قيم العدالة والمساواة بين أفراد المجتمع ، حيث يحصل المواطن البسيط على نفس الحق في الرعاية مثل القادر ، دون تفرقة أو تمييز . كما يساهم هذا في تخفيف حدة التوتر النفسي لدى الأسر المصرية في مواجهة الأزمات الصحية المفاجئة .
أما من الناحية الاقتصادية ، فإن ما تتحمله الدولة من تغطية لتكاليف العلاج الطارئ يُعد استثماراً في رأس المال البشري ، وضماناً لاستمرار عجلة الإنتاج دون توقف بسبب مخاطر صحية غير متوقعة . كما أنه يحد من حالات التدهور الصحي التي قد تكلف ميزانية الدولة أضعافاً مضاعفة إذا لم يتم التدخل السريع .
إن تطبيق هذا الحق في جميع المستشفيات بلا استثناء يُظهر مدى قوة التشريع وصرامته ، كما يكشف عن توجه حقيقي نحو بناء نظام صحي متكامل يضع المواطن في صدارة الأولويات . وهو خطوة نوعية تعكس جدية الدولة في الإصلاح الصحي وتكريس مبدأ أن حياة الإنسان لا تُقدر بثمن
إن هذه السياسة الصحية تمثل في جوهرها رسالة واضحة بأن المواطن المصري لن يُترك وحيداً في مواجهة الخطر الصحي ، وأن الدولة شريك أصيل في ضمان أمنه الصحي وحمايته وقت الطوارئ .
