تم نسخ الرابط

حروب بلا جنود - حين يصبح الذكاء الاصطناعي حليفًا للهاكرز

حروب بلا جنود  - حين يصبح الذكاء الاصطناعي حليفًا للهاكرز

دكتور.عمرو هيكل نشر فى: 2025-07-06 17:46:12 اخر تحديث: 2025-07-06 17:46:55

الظل السيبراني: كيف تُدار الحروب من خلف الشاشات - فلاختراق ليس بعيدًا... بل أقرب مما تتخيل
      حروب بلا جنود، وبلا دخان - حين يصبح الذكاء الاصطناعي حليفًا للهاكرز

في عصرٍ أصبحت فيه الحدود الجغرافية غير كافية لردع التهديدات، ولم تعد الجيوش وحدها تحمي الأوطان،
نشهد اليوم ولادة جيل جديد من الحروب: حروب بلا جنود، وبلا دخان.
إنها الحرب السيبرانية، حيث تتسلل الخوارزميات في الظلام، وتضرب الأنظمة الرقمية في صمت.
وما يجعل هذا التهديد أكثر إثارة للقلق هو دخول الذكاء الاصطناعي — تلك التقنية التي وُلدت لتخدم الإنسان —
إلى ساحة الهجوم بدلاً من الدفاع.

الذكاء الاصطناعي… حين تنقلب الأدوار

في البداية، جرى تقديم الذكاء الاصطناعي بوصفه طوق النجاة للمجتمعات الرقمية:

أنظمة قادرة على كشف التهديدات مبكرًا،
وبرمجيات تتنبأ بمحاولات الاختراق قبل حدوثها. لكن الحقيقة أن هذه التكنولوجيا ليست أخلاقية بطبيعتها.
فكما يمكنها أن تحمي، يمكن أيضًا توظيفها للهجوم — بل لهجوم أكثر دقة ودهاءً مما عرفه العالم من قبل.

مهاجم يستخدم الذكاء الاصطناعي لا يحتاج إلى مهارات خارقة.
يمكنه ببساطة تزويد الخوارزمية ببعض البيانات، وتترك هي الباقي: تتعلم، تحلل، وتتطور، ثم تُنفذ الهجوم بأقل تدخل بشري.
إنها ثورة في مفهوم "الاختراق الذكي"، حيث يُصبح المهاجم أكثر خفاءً، والهجوم أكثر صعوبة في الاكتشاف.

جبهات جديدة… وتهديدات غير مرئية

الهجمات المدعومة بالذكاء الاصطناعي لا تتوقف عند المؤسسات المالية أو قواعد البيانات الكبرى. بل تمتد إلى كل ما هو "ذكي":

  • الهواتف

  • المنازل الذكية

  • السيارات

  • وحتى الألعاب الإلكترونية

كل جهاز متصل بالإنترنت يُعد منفذًا محتملاً لهجوم ما .

بل الأخطر من ذلك أن تلك الخوارزميات قادرة على محاكاة سلوك المستخدمين الحقيقيين،
مما يجعل من الصعب على أنظمة الحماية التفرقة بين النشاط الطبيعي والنشاط المريب.

التأثير العميق للإختراق

لا تتوقف تداعيات الذكاء الاصطناعي السيبراني عند البُعد التقني، بل تصل إلى عمق المجالات المختلفة .
ففي السنوات الأخيرة، أصبح من الممكن — بل ومن السهل — إنشاء محتوى مزيف عالي الجودة:

  • تسجيلات فيديو مزورة باستخدام تقنيات Deepfake

  • منشورات مصاغة بأسلوب مقنع تُستخدم لتوجيه الرأي  العالمي .

  • شبكات حسابات وهمية تُستخدم للتضليل أو زرع الشك داخل المجتمعات

كل هذا يمكن أن يُحدث تأثيرًا مباشرًا على   القرارات ، وصناعة الرأي ، واستقرار المجتمعات .

الشباب في الصف الأول… لكن بلا دروع كافية

رغم أن الشباب هم الأكثر احتكاكًا بالمساحات الرقمية، فإن كثيرًا منهم ما زال يفتقر إلى الوعي السيبراني اللازم لمواجهة هذه الأخطار.
البعض لا يدرك أن الضغط على رابط عشوائي أو تحميل تطبيق مجهول قد يجعل بياناته، بل وبيانات مؤسسته، عرضة للاختراق.
في الوقت ذاته، هناك جيل آخر من الشباب بدأ يتفهم طبيعة المعركة الجديدة، ويسعى للتمكن من أدواتها من خلال:

  • الالتحاق بدورات في الأمن السيبراني

  • تعلم تحليل البيانات والهندسة الاجتماعية

  • المشاركة في المسابقات الدولية لاكتشاف الثغرات

لكن هذه الجهود الفردية بحاجة إلى احتضان مؤسسي، ورؤية شاملة، تجعل من الأمن السيبراني ثقافة عامة، لا مجرد تخصص نخبوي.

هل القوانين و الرقابة … تكفي؟

صحيح أن هناك تطورات تشريعية في العديد من البلدان  لمواجهة الجرائم الرقمية، لكن القوانين وحدها لا تكفي.
فنحن أمام تكنولوجيا تتطور أسرع من أي جهاز رقابي. وإذا لم تكن  القوانين مرنة ومبنية على فهم تقني عميق، فإنها لن  تتمكن  من  مواكبة التهديدات الجديدة.

أيضًا، المسألة لم تعد تتعلق بالهجمات المباشرة فحسب، بل تتطلب بنية تحتية رقمية قوية، واستجابة سريعة، وآليات تعاون إقليمي ودولي متقدمة في تبادل المعلومات حول التهديدات.

خاتمة: المعركة بدأت بالفعل… وأنت طرف فيها

المعركة الرقمية ليست قادمة… بل هي دائرة الآن، وبتسارع مذهل.
وسواء كنت مسؤولًا في جهة حكومية، أو رائد أعمال ناشئ، أو شابًا يقضي وقته على مواقع التواصل، فأنت في مرمى المعركة، شئت أم أبيت.

ما نحتاجه اليوم ليس فقط تحديث الأجهزة، بل تحديث العقول:

  • عقل يفهم التهديد قبل أن يقع

  • وعقل يُفرق بين المعلومات الصادقة والموجهة

  • وعقل يعي أن الذكاء الاصطناعي، وإن كان أداة قوية، إلا أن الأخلاقيات البشرية هي ما تُحدد إن كان سيصبح حاميًا… أم خصمًا 

                               
                     بقلم . دكتور . عمــرو هيكل
           عميد أكاديمية الاتحاد الوطني لإعداد القادة 
    محاضر و إستشاري التحول الرقمي و الأمن السيبراني