تم نسخ الرابط

حرب بلا طلقات: كيف أصبح الأمن السيبراني سلاح الدول

حرب بلا طلقات: كيف أصبح الأمن السيبراني سلاح الدول

دكتور.عمرو هيكل نشر فى: 2025-05-15 04:31:04 اخر تحديث: 2025-05-15 11:26:33

أصبح الأمن السيبراني هو خط الدفاع والهجوم الأول، فقد كانت القوة تُقاس بعدد الدبابات، الصواريخ، و عدد الجنود .
أما اليوم، فقد تغير ميدان المعركة جذريًا. وأمست الدول التي تتقن أدوات الأمن السيبراني تمتلك سلاحًا يفوق في تأثيره أحيانًا الأسلحة النووية.
في هذا العصر الرقمي، لا تحتاج الدول إلى جيوش جرّارة لاختراق حدود خصومها؛
يكفي خبير واحد خلف شاشة لإحداث فوضى اقتصادية، تشويش إعلامي، أو حتى شلل تام في البنية التحتية لدولة بأكملها.

الأمن السيبراني: المفهوم وأبعاد القوة الجديدة

الأمن السيبراني هو مجموعة من التقنيات والعمليات المصممة لحماية الأنظمة، الشبكات، والبيانات من الهجمات الرقمية.
إلا أن المفهوم تطور ليصبح اليوم عنصرًا أساسيًا في الاستراتيجية الوطنية للدول الكبرى.
لم يعد الأمن السيبراني مجرد مسؤولية مؤسسات تكنولوجيا المعلومات، بل بات أحد مكونات الأمن القومي.

الدول الرائدة مثل  الصين، روسيا،  مصر ، الولايات المتحدة، و دول اوروبا  تستثمر مليارات الدولارات سنويًا في تطوير قدراتها السيبرانية،
ليس فقط دفاعيًا بل وهجوميًا أيضًا. فالهجمات السيبرانية أصبحت أداة ضغط جيوسياسي، وأحيانًا وسيلة لإضعاف الخصوم دون إطلاق رصاصة واحدة.

من الدفاع إلى الردع: تغير العقيدة الأمنية

لم يعد الأمن السيبراني يقتصر على بناء أنظمة مضادة للاختراق، بل أصبحت الدول تتبنى ما يُعرف بعقيدة الردع السيبراني،
أي القدرة على توجيه ضربات إلكترونية معاكسة بشكل محسوب، لردع أي محاولة تهديد.
ف
بعض الدول قامت بإنشاء قيادات عسكرية إلكترونية مستقلة ما يعكس مدى مركزية هذا المجال في الاستراتيجية الدفاعية.
دور مصر ومكانتها في مجال الأمن السيبراني 
نعم، لمصر دور متقدم ومتنامٍ في مجال الأمن السيبراني، إذ أدركت الدولة المصرية مبكرًا أهمية حماية فضائها الرقمي
في ظل التحول الرقمي الشامل. عملت مصر على  حماية البنية التحتية الحيوية، وتأمين البيانات الحكومية، وتعزيز الوعي المجتمعي.
كما أن مصر عضو فاعل في المنظمات الإقليمية والدولية المعنية بالأمن السيبراني،
وتسعى إلى بناء كوادر بشرية مؤهلة، وتطوير منظومات الحوكمة الرقمية والردع السيبراني.

الأمن السيبراني في ميزان الجغرافيا السياسية

الأمن السيبراني لم يعد مجرد مسألة تقنية، بل أضحى عاملًا حاسمًا في الجغرافيا السياسية. حيث تُقيم قوة الدول اليوم بمدى قدرتها على:

  • تأمين بنية تحتية رقمية غير قابلة للاختراق.

  • حماية بياناتها السيادية.

  • تطوير تقنيات تشفير متقدمة.

  • التحكم في سلاسل الإمداد التكنولوجية.

  • تنفيذ عمليات هجومية استباقية أو انتقامية.

كل هذا يجعل من الأمن السيبراني أداة سيادية بامتياز.

 بين شبح الحروب السيبرانية وسباق التسلح الرقمي

نحن نعيش زمنًا لا يُعرف فيه العدو من أول نظرة، وزمنًا تُدار فيه الحروب في صمت، دون دوي انفجارات،
ولكن بنتائج لا تقل تدميرًا. السباق نحو التفوق السيبراني هو سباق نحو السيطرة،
ومن لا يمتلك فيه أدوات الحماية والهجوم، فقد سلّم مفاتيح أمنه الوطني على طبق من البيانات.