اعداد: محمد الفحله
مدخل
يشهد الشرق الأوسط اليوم مرحلة حرجة تتميز بتصاعد النزاعات، تغير التحالفات، وتفاقم الأزمات الإنسانية. فبينما يتوالى العنف في غزة والضفة الغربية، تتعقّد الخريطة الأمنية في الخليج بفعل اتفاقيات دفاع جديدة، في وقت تشكّل فيه استراتيجيات الدولة الوطنية محور التنافس الإقليمي.
أبرز الأحداث الأخيرة
1. اتفاقية دفاع بين السعودية وباكستان
في خطوة مفصلية، أبرمت المملكة العربية السعودية وباكستان اتفاقية دفاعية استراتيجية متبادلة. ورغم نفي الجانب الباكستاني أن الاتفاق يشمل الأسلحة النووية، إلا أن المراقبين يرونه إشارة إلى مظلة أمنية جديدة تعكس القلق الخليجي من تراجع فاعلية الضمانات الغربية.
2. التصعيد العسكري في غزة
القتال في غزة يتصاعد على أكثر من محور:
ضربات جوية واسعة وعمليات برية، خاصة في مدينة غزة.
نزوح كبير للسكان من الشمال نحو الجنوب بعد إغلاقات وتحذيرات بالإخلاء.
أزمة إنسانية متفاقمة مع نقص الغذاء والوقود والخدمات الصحية، ومخاوف من مجاعة.
3. ضربة إسرائيلية في قطر
في سابقة غير مسبوقة، شنت إسرائيل غارة جوية في العاصمة القطرية الدوحة استهدفت قادة من حركة حماس، بينهم مسؤولون كانوا يشاركون في محادثات تهدئة. الخطوة أثارت جدلاً واسعاً حول تجاوز الأعراف الدبلوماسية وسيادة الدول.
4. إعادة ترتيب موازين القوة في الخليج
الحس الأمني لدول الخليج تجاه الدور الإسرائيلي بدأ يتغير، إذ بات يُنظر إلى إسرائيل كتهديد أمني موازٍ لإيران في ظل التدخلات المتزايدة.
محاولات لتقليل الاعتماد على الحماية الغربية من خلال بناء تحالفات إقليمية جديدة، مثل الاتفاق مع باكستان، وتعزيز الشراكات مع قوى أخرى.
5. التوتر في أماكن متعددة
استمرار الهجمات الحوثية من اليمن وما يقابلها من ردود عسكرية.
تصعيد في الضفة الغربية عبر عمليات إسرائيلية موسعة.
احتجاجات داخل غزة ضد حركة حماس بسبب الأوضاع المعيشية المتدهورة.
تحليل دلالي
1. انهيار ثقة في الضمانات التقليدية
الدول الخليجية لم تعد تثق بالضمانات الأمنية التقليدية، مما يدفعها نحو بناء تحالفات بديلة وتطوير قدرات ذاتية.
2. ربط متزايد بين الدبلوماسية والأمن العسكري
الغارة الإسرائيلية في قطر أظهرت أن العمليات العسكرية باتت تتجاوز حدود الدولة المضيفة، حتى وإن كانت وسيطاً، وهو ما يغيّر مفهوم السيادة.
3. الأزمة الإنسانية كمفتاح للشرعية الدولية
المواجهة في غزة لم تعد صراعاً عسكرياً فحسب، بل معركة على الشرعية الدولية وصورة كل طرف أمام العالم.
4. خطر التوسّع غير المقصود
مع تعدد الجبهات من غزة إلى اليمن ولبنان، يبقى خطر اتساع النزاع قائماً، وهو ما قد يهدد استقرار المنطقة ككل.
التحديات المستقبلية
إيجاد حل سياسي دائم للقضية الفلسطينية، يضمن الحقوق والعدالة ويهيئ بيئة لاستقرار طويل الأمد.
إدارة التداعيات الإنسانية عبر المساعدات وفتح الممرات الآمنة وضمان وصول الغذاء والدواء.
ضبط التصعيد العسكري لتجنب انزلاق المنطقة إلى حرب إقليمية واسعة.
إعادة التوازن في التحالفات بما يتيح للدول الحفاظ على علاقاتها الدولية دون التفريط في أمنها.
الخلاصة
الوضع الراهن في الشرق الأوسط يتسم بتقاطع أزمات أمنية وإنسانية ودبلوماسية. الأحداث الأخيرة تكشف أن المنطقة تمر بمرحلة انتقالية قد تغيّر موازين القوى والتحالفات.
تحقيق الاستقرار لن يكون عبر القوة وحدها، بل يتطلب حلولاً سياسية تراعي العدالة وحقوق الشعوب، وتعاوناً إقليمياً ودولياً يمنع الانزلاق نحو صراعات أوسع.
